ان كنت تعد نفسك ممن أتوا لهذا الوجود بحثا عن القيم. من أعلنوا قلوبهم دورا للعبادة، و اجسادهم محاريب يرتقي عليها كل مسكين ليقترب من السماء و لو بشبر.
ان كنت ممن لفظت أرواحهم جرعة اللامبالاة التي أسكرت الجميع. فلابد انك الان قد اكتشفت ان نصيبك من الموت اكبر منه من الحياة (الى حين).
ربما تعد اللحظات التي كادت فيها روحك تنفصل عنك من الالم على اكثر من اصابع اليد الواحدة.
انك ايها الروح المتعب بحاجة لدرس في كيفية الموت.
لا احد يدري يقينا كم مرة تموت، و عدد السكرات.
ستموت الى ان تتوقع الموت بل تعشقه.
– استسلم، لا تقاوم الألم، لا ترفض او تتذمر. استقبل الجرح بكل قوتك و انظر الى قاتلك لتتأمل عيون الغدر عن كثب.
– انكسر، و لا تتعالى عن الضعف و الانكسار. ابك، اصرخ، اكتب، اعزف، تهشم بين يدي خل وفي او على سجادة او في ركن ناء عن العيون. تهاوى بكل شعورك و أمهل نفسك ساعات و ربما بضع أيام من الضياع.
– انسحب من التجمعات و اقتصد في كلامك و اختلاطك بمن حولك. قد خرجت من بطن الحوت فما احوجك للصمت و استجماع همتك و قوتك. هنا تدرك ان الذي مات مجرد جزء ضاق على امتداد روحك. تشعر بالانفاس تتردد بداخلك، الشكل هو الشكل، و الكون هو الكون، لكن انت تغيرت و نظرتك تغيرت.
– الصمت أوفى رفيق. سيعينك على الارتقاء بهذا المنظور الجديد، و سيحتد نظرك.
– توقع ان تتغير آراء كثيرة. سيبحث الكثيرون عما افتقد، و قد يرفضون تقبل المساحة المستجدة فيك. و يطالبون بعودتك للقوقعة الضيقة التي لفظتك. أمهلهم بعض الوقت للتقبل او للانسحاب. لا تقرر لأحد البقاء او الذهاب، الزم الصمت و دعهم يختارون.
– اذا عزمت فتوكل. اذا ترددت فتمهل. الزم الصمت امام الحكماء لتتعلم، و بين الجهال لتسلم. و بين اقرانك استمع اكثر مما تتكلم.
– لا بأس ان تنعي ما مات و تحن لبعضك الراحل. أرسل مع السماء عبارات امتنان و شكر له.
– حالما تجد الأيام تتكرر و تكاد تستقر على رفوف الرتابة، ترقب موعدا آخر مع الموت.
-من وحي متصوفة